يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولم ينقصوا المكيال والميزان لأخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان) وأخذوا بالسنين، أي: القحط، فيمنع الله عز وجل عنهم المطر، وإذا أنبتت الأرض فإن الله يبتليهم بالحشرات والديدان والأوبئة التي تضيع الزروع، وإذا أثمرت الزروع والثمار فليس فيها ذلك الطعم الحلو والمذاق الرائع.
فكم من الناس يغشون فتكون فاكهتهم بلا طعم، وقد يكون الغش والخداع في السموم التي يصنعها بعض الفلاحين والتي تساعد على نمو النبات بشكل سريع، وهي في حقيقة الأمر مضرة أشد الضرر.
فكم يؤذي هؤلاء الناس بعضهم بعضاً لبعدهم عن الله سبحانه ولجشعهم وطمعهم، فيطمع المزارع ويريد أن يأخذ أكثر ما يقدر عليه، والتاجر يريد أن يأخذ السلعة بثمن بخس ويبيعها بأعلى ما يكون، فيبيعها فاسدة تالفة، المهم أن يكسب، ويخدع المشتري بأن ينقص في الكيل والميزان، فيكون له ميزانان: ميزان يشتري به وميزان يبيع به، فهنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء الظلمة يستحقون أن يؤخذوا بالسنين وشدة المؤنة أي: أن الحياة تصير شديدة عليهم، والأسعار تغلى على مثل هؤلاء الناس بسبب أعمالهم، ويصبح كل منهم يقول: ليس عندي الحاجة الفلانية؛ لأنها صارت غالية.
ويسلط الله عليهم الحاكم الذي يجور عليهم، ويفرض عليه الضرائب الباهضة، ويكلفهم ما لا قدرة لهم عليه.
فمن يطالب بالتغيير عليه أن يبدأ بتغيير نفسه أولاً قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، فغير ما في قلبك من غش وخداع وطمع وجشع ومن حسد للناس على ما آتاهم الله عز وجل من فضله.