في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن)، يعني: خمسة أوصاف.
إذا وقعتم فيها جاء من وراء ذلك العذاب من عند الله سبحانه معجلاً في الدنيا.
وهذه الأشياء ينبغي على المسلمين أن يجتنبوها، وينبغي عليهم أن يتدبروا هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأحاديث ليعلموا مواطن الداء الموجود في أمة الإسلام ليعرفوا لماذا أمة الإسلام الآن ذليلة عند الكفار، ولماذا أذل الكفار المسلمين في كل مكان؟ فالعيب من أنفسهم: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:30].
فالمرء بما كسبت يداه يبتليه الله سبحانه وتعالى بما يستحق من عقوبة عاجلة أو آجلة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن قد مضت في أسلافهم الذين مضوا).
وهذه بلية ومصيبة يبتلى بها الناس فإذا ابتلوا بهذه المعصية كان من وراء ذلك بلاء آخر وهي: المصائب والأوجاع.
وهذه البلية هي الفاحشة، فإذا ظهرت بين الناس وظهر التبرج عند النساء وظهر من الرجال بسبب ذلك الوقوع في الزنا واستحلال ما حرم الله تبارك وتعالى من الزنا واللواط، فانتشر بين الناس وشاع ذلك استحق الناس أن يبتليهم الله سبحانه بأوجاع لم تخطر على بالهم قط ولم يروها قبل ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع)، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها ويظهروها، فيظهر الرجل أنه يفعل الفاحشة وتظهر المرأة كذلك ويتستر عليهم الناس ثم يعلنون بها ولا يهتمون بأن يراهم أحد، ويمشي الرجل مع المرأة في الطريق على شاطئ البحر وفي الشارع ويفعل ما يشاء من معاص ولا أحد ينكر عليه، حتى يعلنون بها وتشجعهم الحكومات على ذلك؛ فيسنون لهم الأحكام الوضعية لإباحة الزنا وأنه يجوز هذا الشيء طالما المرأة بالغة ورشيدة فمن حقها وما أحد له دخل في شأنها، والوحيد الذي من حقه أن يشكو هو زوجها فقط كما تفعل حكومات الكفر في بلادهم ويقلدهم المسلمون في بلادهم، والآن يسعون إلى سن القوانين للناس فهم يبحثون عن قوانين إباحة زواج المثلين المرأة بالمرأة والرجل بالرجل.
عندما يفعلون ذلك يبتليهم الله سبحانه وتعالى بالأمراض التي لم تكن على بالهم فيأتيهم الطاعون، والكوليرا والإيدز، ويأتيهم فيروس الكبد الوبائي فيروس ( صلى الله عليه وسلم) وفيروس ( رضي الله عنه) وفيروس ( C) والله أعلم ما الذي سيأتي بعد ذلك من بلاء ومصائب، وكلما قيل: اكتشفنا علاجاً لهذا المرض جاء مرض ثانٍ.
ولا يزال الأمر على ذلك طالما الإنسان يعارض الله سبحانه وتعالى، ويحاربه، فالله سيبتليه بالعلل والأمراض التي لا يقدر أن يقاومها أبداً، فتجد هؤلاء الناس يصيبهم الله بالبلاء من عنده وإذا نزل البلاء فإنه يعم ولا يخص، فتجد إنساناً مريضاً بالإيدز قد ينقل منه الدم لآخر وهو ليس له ذنب فينتقل الإيدز إليه دون أي ذنب.
أو مريض بالتهاب الكبد الوبائي وهو بسبب معصية من المعاصي التي يعملها ونقل الدم إلى غيره ويصيبهم بالمرض فيأتي البلاء على هؤلاء جميعهم، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:25]، فلن يأتي البلاء على الظالم فقط وإنما على الجميع.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولم ينقص المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان)، فمن أعمال الناس يسلط الله عز وجل عليهم من يذيقهم الأمرين.
فالناس يظلمون ويرتكبون المعاصي والمنهيات الشرعية، وقد يلقوا بالملامة على الحكام بحجة أنهم ظلمة وما ينظرون إلى نفسهم وإلى ما يعملون، فلو أن الإنسان أصلح من حاله لولى الله عز وجل عليه من ينصفه ومن يكون صالحاً، ولكن من ظلم فإن الله يولي عليه من يشدد عليه ويؤذيه ويجور عليه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ولم ينقصوا المكيال والميزان)، فكم من الناس ينقصون الميزان والمكيال؟! وكم من التجار؟! إلا من رحم الله سبحانه، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين يخاطب التجار بقوله: (إن التجار هم الفجار)، وأكثر أهل المدينة كانوا تجاراً يتاجرون ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لهم ذلك: (إن التجار هم الفجار)، فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن السبب ويقول: (إن أحدهم يحلف فيكذب ويعد فلا يوفي).
فمن فجورهم أن أحدهم يحلف بأن هذه السلعة من أجود السلع وهو كاذب فيما يقول، فيحلف بالله ويحلف بغير الله وهو كاذب فيما يدعي.
والشياطين تخدع أمثال هؤلاء فتجد بعض التجار الحمقى والمغفلين يحلف كذباً وإذا أنكر عليه أحدهم قال: عندما طلعت من البيت قلت في نفسي إن كل يمين أحلفها اليوم فهي كذب، وهو يظن أن هذا الشيء يبرر حلفه الكاذب، فهو بذلك يضحك على نفسه ويخدع نفسه.
وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً حلف أنه لا يبيع سلعة ثم باعها بعد ما حلف فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه باع آخرته بدنياه)، فيا ترى كم من الناس يبيعون أخراهم بدنياهم.