من الأحاديث حديث لـ أبي سعيد الخدري وهو في صحيح مسلم وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه).
والحديث رواه مسلم والنسائي وهذا لفظ النسائي: (غسل يوم الجمعة واجب)، ومعنى الوجوب هنا يحتمل أنه الفرض، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم، والراجح أنه بمعنى: اللزوم أو بمعنى تأكيد الاستحباب، والذي يدفع بهذا القول أنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)، فدل هذا على أن الغسل ليوم الجمعة أفضل من الوضوء.
ولو كان الغسل واجباً فإنه لو توضأ سيكون آثماً؛ لأن الغسل واجب في الجمعة، ولكن كونه يقول: (بها ونعمت) دليل على أنه مجزئ، وأنه ليس عليه إثم إذا توضأ وذهب لصلاة الجمعة، لذلك فالراجح هو صرف هذا المعنى عن معنى الوجوب المعروف عند الأصوليين إلى معنى تأكيد الاستحباب.
(غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) والمحتلم هو البالغ، وليس معناه أنه لا بد أن يكون على جنابة حتى يلزمه هذا الغسل.
قوله: (وسواك) وهذا أيضاً من الصوارف لهذا الحديث عن بالوجوب، وجاء في الحديث الآخر: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء)، وفي حديث: (عند كل صلاة)، والسواك باتفاق أهل العلم على أنه ليس فرضاً واجباً.
وإن كان هذا من دلالة الاقتران وهي ضعيفة عند الأصوليين، لكن الأقرب: أن السواك من المستحبات للجمعة، سواء كان المصلي يصلي الجمعة في رمضان أو في غير رمضان، والراجح جواز استخدام السواك طول النهار في الصيام وفي غير الصيام.
قال عليه الصلاة والسلام: (ويمس من الطيب ما قدر عليه) أي: يضع طيباً من أجل صلاة الجمعة، ويظن بعض الناس أن وضع الطيب في نهار رمضان مفطر أو مكروه، وهذا خطأ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، ويجوز وضع الطيب في نهار رمضان كما يجوز في غير رمضان.