القاعدة الثالثة: أن الأسماء والصفات والأفعال يراد بها ظاهرها، لكن مع ذلك لا بد من التفصيل في معنى الظاهر؛ لأن الظاهر قد يُراد به: المشاهدات وقياس الغائب على الشاهد، وهذا ليس هو المراد بأسماء الله وصفاته وأفعاله، وقد يُراد بالظاهر: إثبات المعنى والحقيقة، وهذا هو الحق، فعلى هذا إذا قيل: هل ظاهر النصوص مراد أو غير مراد؟ الأصل أنه مراد؛ لأن الله عز وجل ما خاطبنا إلا بما أراد أن نفهمه ونعتقده، لاسيما -كما هو معروف- إنما جاء ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله في الكتاب والسنة لنعظّم الله بها وندعوه بها، ونعتقد له الكمال المطلق، وننفي عنه النقائص، وهذه هي الغاية الأولى من إثبات الأسماء والصفات، لكن مع ذلك فإن المعنى الظاهر قد يحدث فيه إشكال عند بعض المتحذلقين ممن وقعوا في شبهات المتكلمين والمتفلسفة.
وهنا يرد سؤالاً: هل ظاهر النصوص مراد أو غير مراد؟ نحن نقول: هو مراد ابتداء، لكن مع ذلك نسأل السائل، وخاصة إذا كان ممن عرف بمسالك الكلام والفلسفة: ماذا تقصد بالظاهر؟ إن أردت بالظاهر: تشبيه الله تعالى الله بالمشاهدات فليس هذا هو الظاهر، ولا يُعتقد لله عز وجل، وإن أردت بظاهر النصوص إثبات المعاني والحقائق، إذاً فالإنسان السالم من الشبهات والشكوك والفلسفات والكلاميات يعتقد أصلاً أن ظاهر النصوص مراد؛ لأن ظاهرها هو الحق، وليس تشبيهاً، وإن كان السائل ممن عنده ريب أو يتوقع أن عنده شكوكاً وإشكالات يفصّل له، فيقال: إن أردت بالظاهر قياسه على المخلوقات، فالله عز وجل ليس كمثله شيء، ولا نعلم كيفيات صفاته، وإن أردت بالظاهر المعنى والحقيقة، فلاشك أن أسماء الله وصفاته لها معان وحقائق.