القاعدة الثانية: أن كل ما جاء عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم في أسماء الله وصفاته وأفعاله وجميع أمور الغيب والدين وجب التسليم به دون مناقشة، والتصديق والإذعان واليقين بأنه حق، وهذا هو الفارق بين المؤمنين الصادقين وبين من في قلوبهم مرض من أهل الأهواء والتأويل والشكوك، فالمؤمنون سلّموا بخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم مطلقاً، وأنه حق على حقيقته على ما يليق بجلال الله عز وجل، وأول ذلك ما يتعلق بأسماء الله وصفاته وأفعاله، بل وسائر أمور الغيب، فكل ما أخبر الله به وجب التسليم به، وكل ما ثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم وجب التسليم به، وأول ذلك الأسماء والصفات والأفعال، وهذا اليقين أو هذا الإثبات لا يتوقف على إدراك الكيفيات، بل يجب ألا يتطلّع المسلم إلى الكيفيات أصلاً، كما لا يتوقف ذلك حتى على إدراك المعنى؛ لأن المعنى قد لا يُدرك عند بعض الناس وإن كانت المعاني المجملة مُدركة، لكن مع ذلك فإن مدارك الناس تختلف، فبعض الناس قد تعرض له بعض الشبهات وبعض الشكوك، ونحو ذلك من العوارض التي تعرض للبشر، فيضعف يقينه بالله عز وجل، وقد لا يُدرك المعنى فيما ثبت عن الله وثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس الحق موقوفاً على إدراك المعنى عند الفرد، مع أننا نعلم أن الله عز وجل قد خاطبنا بلسان عربي مبين، وأمرنا بالتدبر، ولا شك أن معاني أسماء الله وصفاته وأفعاله مُدركة بالجملة، لكن ومع ذلك لو أن أحداً من الناس قال: والله لم أُدرك هذا المعنى، ولا أدري كيف أعتقد هذه الحقيقة! فنقول له: إن الحق ليس متوقفاً على إدراكك للمعنى ولا للحقيقة، والمعنى ثابت لله عز وجل على ما يليق بجلاله.