قال رحمه الله تعالى: [والفرقة الثانية: المشركية، الذين أقروا بالقضاء والقدر، وأنكروا الأمر والنهي، قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:148] فمن احتج على تعطيل الأمر والنهي بالقدر فهو من هؤلاء، وهذا قد كثر فيمن يدعي الحقيقة من المتصوفة].
سمي هؤلاء بالمشركية لأن غالب المشركين على هذا المبدأ، إذ إنهم يقرون بأن الله هو الرب سبحانه، وأنه الخالق، وأنه المدبّر، ولذلك جاءت أسئلتهم في القرآن، وبيّن الله عز وجل أنهم أقروا بهذه الأمور، لكن حينما جاءتهم الأوامر الشرعية والنهي، وعندما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدين، وطلب منهم أن يعبدوا الله وحده، وطلب منهم مقتضى لا إله إلا الله محمد رسول الله، أبوا الأمر والنهي، وبقوا على مجرد دعوى أنهم موحدون بتوحيد الربوبية، وهذا ما عليه كل من يقع في الشرك من الأمم، وممن ينتسب إلى الإسلام، فيزعمون بأنهم يعظمون الله عز وجل، وبأنهم يؤمنون بتوحيد الربوبية، ويظنون هذا هو التوحيد، لكنهم يخلون بالأمر والنهي، إما بالابتداع في الدين، وإما بالإعراض.
وأما النصارى فمنهم فِرَق، حيث تجتمع فيهم هذه الفرق كلها، فمنهم فرق قدرية، وأغلب النصارى قدرية فيما يظهر لي، والله أعلم.