قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [فصل: وإذا ثبت هذا فمن المعلوم أنه يجب الإيمان بخلق الله وأمره بقضائه وشرعه].
قوله: (بخلق الله) يقصد بها: القدر كله، والذي هو متعلق بربوبية الله سبحانه، فكل معاني الربوبية تجتمع في معنى الخلق؛ لأن الخلق هو مبدأ الربوبية من حيث المخلوقات لا من حيث الخالق، فالله عز وجل ربوبيته وخلقه متصف بها قبل وجود المربوبات والمخلوقات، لكن من حيث نشأة الربوبية ومن حيث وجود المربوبات فإنه يتعلق ذلك بربوبية الله وقدره.
وقوله: (وأمره) يشمل الأمر القدري والشرعي، ثم قال: (بقضائه وشرعه) فالقضاء جزء من الخلق، والشرع جزء من الأمر، فقوله: (بخلق الله وأمره) أعم، فالخلق يشمل القضاء وغير القضاء، والأمر يشمل الشرع وغير الشرع، فهو قد خصص بعد تعميمه.
والشيخ هنا سيذكر بعد هذا الكلام تقسيم أهل الضلال في القدر إلى ثلاثة أقسام، وعلى هذا نقول: إن مذاهب الناس في القدر أربعة: الأول: مذهب أهل الحق، وهو الإيمان بقدر الله عز وجل إيماناً كاملاً، فيؤمنون بالقدر خيره وشره من الله عز وجل.
ثم المذاهب الثلاثة التي سيذكرها، وكلها مذاهب ضالة وباطلة.
قال رحمه الله تعالى: [وأهل الضلال الخائضون في القدر انقسموا إلى ثلاث فرق: مجوسية، ومشركية، وإبليسية].
يقصد هنا: المناهج لا جزئيات المقالات، فكلمة (مجوسية) و (مشركية) يدخل فيها مئات المذاهب، لكن هو ذكر جماع مذاهب الباطل، يعني: أصول مذهب أهل الباطل في الديانات والفرق والأفراد، قديماً وحديثاً، وهذه المناهج هي: المنهج المجوسي، والمنهج المشركي، والمنهج الإبليسي، وسيشرح الشيخ كل واحد على حده.