قال المصنف رحمه الله تعالى: [ثم إنهم قد يتنازعون في الأصول التي يتوقف إثبات النبوة عليها: فطائفة تزعم أن تحسين العقل وتقبيحه داخل في هذه الأصول، وأنه لا يمكن إثبات النبوة بدون ذلك، ويجعلون التكذيب بالقدر مما ينفيه العقل].
الشيخ هنا يقول: الذين قالوا: إن تحسين العقل وتقبيحه داخل في أصول تقرير الحق، فما حسنه العقل فهو حق، فإن جاء النص بضده إما أن نرد النص أو نؤوله، وإذا قبح العقل شيئاً فهو الأصل، فإن وافقه النص الشرعي أخذنا به، وإن عارضه فإما أن نرده أو نؤوله، وهذه قاعدة فاسدة، وهذا هو التحسين والتقبيح العقليان عند المعتزلة، بخلاف التحسين والتقبيح العقليان عند أهل السنة والجماعة، فالتحسين والتقبيح المعتبر عند أهل السنة والجماعة هو التحسين الفطري والتقبيح الفطري الذي يوافق الشرع، أي: أن الإنسان الذي يحسن ويقبح فيما يخالف الشرع عنده اضطراب وخلل، لكن الأصل في ذلك أن الله عز وجل فطر الناس على حب الخير، وحب الفضائل، وبغض الشر، وبغض الرذائل، فهذا تحسين وتقبيح عقلي يوافق الشرع في الجملة، وإذا تعارض مع الشرع فهذا يعني أن في الفطرة أو في الإنسان -الذي توهم التعارض- خللاً، وهذا الخلل لا يدرى أين هو؟ فقد يحتمل أنه من عدة أمور، فهذا هو معنى التحكيم الذي على هذه الصورة.