عشرةَ ليلةً خلتْ منهُ، أي بأيامها كاملةً، فتكونُ وفاتُهُ بعدَ استكمالِ ذلكَ، والدخولِ في الثالثَ عشرَ، وفيهِ نظرٌ منْ حيثُ إنَّ الذي يظهرُ من كلامِ أهلِ السِّيَرِ نقصانُ الثلاثةِ، أوِ اثنينِ منها، بدليلِ ما رواهُ البيهقيُّ في دلائلِ النبوةِ بإسنادٍ صحيحٍ إلى سليمانَ التيميِّ أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرِضَ لاثنتينِ وعشرينَ ليلةً منْ صَفَرٍ، وكانَ أولُ يومٍ مرضَ فيهِ يومَ السبتِ، وكانتْ وفاتُهُ اليومَ العاشرَ يومَ الاثنينِ لليلتينِ خلتا منْ شهرِ ربيعٍ الأولِ، فهذا يدلُّ على أنَّ أولَ صفرٍ يومُ السبتِ، فلزمَ نقصانُ ذي الحجةِ والمحرمِ، وقولُهُ فكانتْ وفاتُهُ اليومَ العاشرَ، أيْ منْ مرضِهِ، يدلُّ على نقصِ صفرٍ أيضاً، ويدلُّ على ذلكَ أيضاً ما رواهُ الواقديُّ عنْ أبي مَعْشَرٍ، عنْ محمدِ بنِ قيسٍ، قالَ اشتكى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يومَ الأربعاءِ لإحدى عشرةَ بَقِيَتْ منْ صَفر إلى أنْ قالَ اشتكى ثلاثةَ عشرَ يوماً، وتوفيَ يومَ الاثنينِ لليلتينِ خلتا من ربيعٍ الأولِ فهذا يدلُّ على نقصانِ الشهورِ أيضاً؛ إلاَّ أنَّهُ جعلَ مدةَ مرضِهِ أكثرَ ممَّا في حديثِ التيميِّ، ويُجْمَعُ بينهما بأنَّ المرادَ بهذا ابتداؤهُ، وبالأولِ اشتدادهُ، والواقديُّ وإنْ ضُعِّفَ في الحديثِ، فهوَ منْ أئمةِ أهلِ السِّيَرِ، وأبو مَعْشَرٍ نجيحٌ مختلفٌ فيهِ، ويرجِّحُ ذلكَ ورودُهُ عنْ بعضِ الصحابةِ؛ وذلكَ فيما رواهُ الخطيبُ في الرواةِ عنْ مالكٍ منْ روايةِ سعيدِ بنِ مسلمِ بنِ قتيبةَ الباهليِّ، حدثنا مالكُ بنُ أنسٍ، عنْ نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ، قالَ لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرِضَ ثمانيةً، فتوفيَ لليلتينِ خلتا من ربيعٍ الأولِ ... الحديث، فاتَّضحَ أنَّ قولَ سليمانَ التيميِّ ومَنْ وافقهُ راجحٌ، مِنْ حيثُ التاريخُ، وكذلكَ قولُ ابنِ شهابٍ مستهلُ شهرِ ربيعٍ الأولِ، فيكونُ أحدُ الشهورِ الثلاثةِ ناقصاً، واللهُ أعلمُ
وكذلكَ مِنَ المشكلِ قولُ ابنِ حِبَّانَ، وابنِ عبدِ البرِّ ثمَّ بدأ بهِ مرضُهُ الذي ماتَ منهُ يومَ الأربعاءِ، لليلتينِ بقيتا من صَفَرٍ إلى آخرِ كلامهما، فهذا ممَّا لا يمكنُ؛ لأنَّهُ