فالحاكمُ إِنَّمَا ذَكَرَ من أنواعِ المُسَلْسَلِ ما يدلُّ على الاتصالِ. فالأولُ: المسلسلُ بـ: سَمِعْتُ. والثاني: المسلسلُ بقولِهِم: قُمْ فصبَّ عليَّ حتى أريَك وضوءَ فلانٍ. والثالثُ: المسلسلُ بمطلقِ ما يدلُّ على الاتصالِ من ((سمعتُ)) أو ((أخبرَنا)) أو ((حَدَّثَنَا)) ، وإنِ اختلفَتْ ألفاظُ الرواةِ. والرابعُ: المسلسلُ بقولِهِم: فإنْ قيلَ لفلانٍ: مَنْ أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: يقولُ: أمرني فلانٌ. والخامسُ: المسلسلُ بالأخذِ باللحيةِ، وقولِهِم: آمنتُ بالقَدَرِ، الحديث، وقد تقدَّمَ. والسادسُ: المسلسلُ بقولِهِم: وعدَّهُنَّ في يدي. والسابعُ: المسلسلُ بقولِهِم: شهدْتُ على فلانٍ. والثامنُ: المسلسلُ بالتشبيكِ باليدِ مع أَنَّ من أمثلتِهِ ما يدلُّ على الاتصالِ، ولم يذكرْهُ، كالمسلسلِ بقولِهِم: أطعَمَنا وسقانا. والمسلسلِ بقولِهِم: أضافَنَا بالأسودَيْنِ، التمرِ والماءِ. والمسلسلِ بقولِهِم: أخذَ فلانٌ بيدي. والمسلسلِ بالمصافَحةِ. والمسلسلِ بقصِّ الأظفارِ يومَ الخميسِ، ونحوِ ذلكَ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وخيرُها ما كانَ فيه دلالةٌ على اتِّصَالِ السَّماعِ وعدمِ التدليسِ، قالَ: ومن فضيلةِ التسلسلِ اشتمالُه على مزيدِ الضَّبْطِ من الرواةِ. قالَ: وقلَّما تَسْلَمُ المسلسلاتُ من ضَعْفٍ، أعني: في وصفِ التسلسُلِ لا في أصلِ المتنِ)) .
ومن المسلسلِ ما هو ناقصُ التسلسُلِ بقطعِ السِلسِلةِ في وَسَطِهِ، أو أوَّلِهِ، أو آخرِهِ، كحديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو المسلسلِ بالأَوَّلِيَّةِ، فإِنَّهُ إنَّمَا يصحُّ التسلسلُ فيهِ إلى سفيانَ بنِ عُيينةَ، وانقطعَ التسلسلُ بالأَوَّلِيَّةِ في سماعِ سفيانَ من عمرٍو، وفي سماعِ عمرٍو من أبي قَابُوسَ، وفي سماعِ أبي قابوسَ من عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، وفي سماعِ عبدِ اللهِ من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد وقعَ لنا - بإسنادٍ متصلٍ - التسلسلُ إلى آخرِهِ، ولا يصحُّ ذلكَ، واللهُ أعلمُ.