غريبٌ متناً، وإسناداً، وهو الحديثُ الذي تفرَّدَ بروايةِ مَتْنِهِ راوٍ واحدٌ. ومنهُ ما هو غريبٌ إسناداً لا متناً، كالحديثِ الذي متنُهُ معروفٌ، مرويٌّ عن جماعةٍ من الصحابةِ، إذا تفرَّدَ بعضُهُم بروايتِهِ عن صحابيٍّ آخرَ، كانَ غريباً مِنْ ذلكَ الوجهِ. قالَ ومِنْ ذلكَ: غرائبُ الشيوخِ في أسانيدِ المتونِ الصحيحةِ، قالَ: وهذا الذي يقولُ فيه الترمذيُّ: غريبٌ من هذا الوجهِ، قلتُ: وأشرتُ إلى القسمِ الأولِ بقولي: (ثُمَّ قَدْ يَغْرُبُ مُطْلَقَاً) ، وإلى الثاني بقولي: (أو اسْنَاداً فَقَدْ) أي: فقطْ.
قالَ ابنُ الصلاحِ: ولا أرى هذا النوعَ ينعكسُ، فلا يوجدُ إذاً ما هو غريبٌ متناً، وليسَ غريباً إسناداً، وإلاَّ إذا اشتهَرَ الحديثُ الفردُ عَمَّنْ تفرَّدَ بهِ، فرواهُ عنهُ عددٌ كثيرونَ، فإنَّ إسنادَهُ متصفٌ بالغرابةِ في طرفِهِ الأوَّلِ، متصفٌ بالشهرةِ في طرفِهِ الآخِرِ، كحديثِ: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)) ، وكسائرِ الغرائبِ التي اشْتَمَلَتْ عليها التصانيفُ المشتهرةُ، هكذا قالَ ابنُ الصلاحِ: إنَّهُ لا يوجدُ ما هو غريبٌ متناً لا سنداً، إلاَّ بالتأويلِ الذي ذكرَهُ. وقد أطلقَ أبو الفتحِ اليَعْمريُّ ذِكْرَ هذا النوعِ في جملةِ أنواعِ الغريبِ من غيرِ تقيّدٍ بآخِرِ السندِ، فقالَ في " شرح الترمذيِّ ": ((الغريبُ على أقسامٍ: غريبٌ سنداً ومتناً، ومتناً لا سنداً، وسنداً لا متناً، وغريبٌ بعضَ السندِ فقطْ، وغريبٌ بعضَ المتنِ فقطْ)) . فالقسمُ الأوَّلُ واضحٌ، والقسمُ الثاني هو الذي أطلقَهُ أبو الفتحِ، ولم يذكرْ لهُ مِثالاً، والقسمُ الثالثُ مثالُهُ حديثٌ رواهُ عبدُ المجيدِ بنُ عبدِ العزيزبنِ أبي روَّادٍ، عن مالكٍ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ)) . قالَ الخليليُّ في