رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((أَلاَ مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أو انْتَقَصَهُ، أو كَلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئاً من غيرِ طِيْبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يومَ القيامةِ)) . وهذا إسنادٌ جَيِّدٌ، وإنْ كانَ فيهِ مَنْ لم يُسَمَّ، فإنَّهُم عِدَّةٌ مِنْ أبناءِ الصحابَةِ يبلغونَ حَدَّ التواترِ الذي لا يُشتَرطُ فيهِ العدالةُ. فقد روينا في سننِ البيهقيِّ، وفيهِ: ((عن ثلاثينَ مِن أبناءِ أصحابِ رسولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) .
وأمَّا الحديثانِ الآخرانِ فلا أَصْلَ لهما كما ذَكَرَ. وأمَّا مثالُ الغريبِ الصحيحِ، فكأفرادِ الصحيحِ، وهي كثيرةٌ، منها حديثُ مالكٍ عن سُمَيٍّ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ، مرفوعاً: ((السَّفَرُ قِطْعَةٌ من العذابِ)) . وأمَّا الغريبُ الذي ليسَ بصحيحٍ فهو الغالبُ على الغرائبِ. وقد روينا عن أحمدَ بنِ حنبلٍ، قالَ: ((لا تكتبوا هذهِ الأحاديثَ الغرائبَ، فإِنَّها مَنَاكِيرُ، وعامَّتُها عنِ الضُّعَفَاءِ)) . وروينا عن مالكٍ قالَ: شرُّ العلمِ الغريبُ، وخَيْرُ العلمِ الظاهرُ الذي قد رواهُ الناسُ. وروينا عن عبدِ الرزاقِ قالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّ غريبَ الحديثِ خيرٌ، فإذا هو شرٌ. وَقَسَّمَ الحاكمُ الغريبَ إلى ثلاثةِ أنواعٍ: غرائبُ الصحيحِ، وغَرَائبُ الشُّيُوخِ، وغَرَائبُ المتونِ. وقَسَّمَهُ ابنُ طاهرٍ إلى خمسةِ أنواعٍ. وقالَ ابنُ الصلاحِ: إِنَّ مِنَ الغريبِ ما هو