624.... وَإِنْ يَغِبْ وَغَلَبَتْ سَلاَمَتُهْ ... جَازَتْ () لَدَى جُمْهُوْرِهِم رِوَايَتُهْ
625.... كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ وَالأُمِّيُّ ... لاَ يَحْفَظَانِ يَضْبُطُ الْمَرْضِيُّ
626.... مَا سَمِعَا وَالْخُلْفُ فِي الضَّرِيْرِ ... أَقْوَى، وَأَوْلَى مِنْهُ فِي الْبَصِيْرِ
إذا كانَ اعتمادُ الراوي على كتابِهِ دونَ حفظِهِ، وغابَ عنه الكتابُ بإعارةٍ، أو ضياعٍ، أو سرقةٍ، ونحوِ ذلكَ؛ فذهبَ بعضُ أهلِ التشديدِ في الروايةِ إلى أنَّهُ لا يجوزُ الروايةُ منهُ لغيبتِهِ عنهُ، وجوازِ التغييرِ فيهِ () . والصوابُ الذي عليهِ الجمهورُ أنَّهُ إذا كانَ الغالبُ على الظنِّ مِنْ أَمرِهِ سلامَتَهُ من التغييرِ والتبديلِ جازتْ لهُ الروايةُ منهُ، لا سِيَّمَا إذا كانَ ممَّنْ لا يخفى عليهِ في الغالبِ إذا غُيَّرَ ذلكَ، أو شيءٌ منهُ، لأنَّ بابَ الروايةِ مبنيٌ على غَلَبةِ الظنِّ () .
وقولي: (كَذَلِكَ () الضَّرِيْرُ والأُمِّيُّ) أي: كذلكَ يجري الخلافُ في الضريرِ والأُمِّيِّ اللَّذَينِ لا يحفظانِ حديثهَ ما. فإذا ضَبَطَ سماعَ هُمَا ثقةٌ، وحفظَا كتابيهِ ما عن التغييرِ بحيثُ يغلِبُ على الظنِّ سلامتُهُ؛ صحتْ روايتُهما. قالَ الخطيبُ: والسماعُ من البصيرِ الأَمِّيِّ والضريرِ اللذينِ لَمْ يحفظا () من المحدِّثِ ما سمعاهُ منهُ، لكنَّهُ كُتِبَ لهما، بمثابةٍ واحدةٍ؛ قدْ منعَ منهُ غيرُ واحدٍ من العلماءِ، ورخصَ فيهِ بعضُهم () . وقالَ ابنُ الصلاحِ في الضَّريرِ الذي لَمْ () يحفظْ حديثَهُ مِن فَمِ مَنْ حَدّثَهُ واستعانَ بالمأمونينَ في ضَبْطِ سماعِهِ وحِفْظِ كتابِهِ ثُمَّ عندَ روايتِهِ في القراءةِ منهُ عليهِ، واحتاطَ في ذلكَ على حَسبِ حالِهِ بحيثُ يحصلُ معهُ الظنُّ بالسلامةِ مِنَ التغييرِ صَحَّتْ روايتُهُ. غيرَ أنّهُ أَولى بالخلافِ من مثلِ ذلكَ في البصيرِ () .