ومالكٍ: أنَّهُ لا حجَّةَ إلاَّ فيما رواهُ الراوي من حفظِهِ وتذكُّرِه، وإليهِ ذهبَ أبو بكرٍ الصَّيْدلانيُّ المروزيُّ مِنَ الشَّافِعيةِ. والصوابُ كما قالَ ابنُ الصلاحِ: الأولُ.
وإذا وجدَ سماعَهُ في كتابهِ وهو غيرُ ذاكرٍ لهُ فحُكِيَ عن أبي حنيفةَ أنَّهُ لا يُجَوِّزُ لهُ روايتَهُ. وإليهِ ذهبَ بعضُ أصحابِ الشافعيِّ، وخالفَ أبا حنيفةَ في ذلكَ صاحباهُ: محمدُ ابنُ الحسنِ، والقاضي أبو يوسفَ، فذهبا إلى الجوازِ. وإليهِ ذهبَ الشافعيُّ وأكثرُ أصحابهِ، وقالَ ابنُ الصلاحِ: ((ينبغي أنْ يُبْنَى على الخلافِ في جوازِ اعتمادِ الراوي على كتابهِ في ضَبْطِ ما سمعَه، فإنَّ ضبْطَ أصلِ السَّماعِ كأَصلِ المسموعِ، فكما كانَ الصحيحُ وما عليهِ أكثرُ أهلِ الحديثِ تجويزَ الاعتمادِ على الكتابِ المصونِ في ضبطِ المسموعِ حتى يجوزَ لهُ أنْ يرويَ ما فيهِ، وإنْ كانَ لا يذكرُ أحاديثَهُ حديثاً حديثاً، كذلكَ ليكنْ هذا إذا وُجِدَ شرْطُهُ وهو أنْ يكونَ السماعُ بخطِّهِ أو بخطِّ مَنْ يثقُ بهِ، والكتابُ مصونٌ. قالَ: وهذا إذا سكنَتْ نفسُهُ إلى صحتِهِ فإنْ شكَّ فيهِ لم يَجُزِ الاعتمادُ عليهِ))