حديثٍ، وإنْ كانَ الإسنادُ واحداً إلى صاحبِ الكتابِ، وهو من مذاهبِ أهلِ التشديدِ في الروايةِ، وإلاَّ لاكتفى بقولهِ لهُ: أخبرَكُم الفِرَبْرِيُّ بجميعِ صحيحِ البخاريِّ. والصحيحُ أنَّهُ لا يحتاجُ إلى إعادةِ السَّنَد في كلِّ حديثٍ على ما سيأتي في موضوعِهِ إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
398.... وَاخْتَلَفُوا إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا ... وَالشَّيْخُ لاَ يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا
399.... فَبَعْضُ نُظَّارِ الأُصُوْلِ يُبْطِلُهْ ... وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثْيِنَ يَقْبَلْهْ
400.... وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ ... مُمْسِكُهُ فَذَلِكَ السَّمَاعُ رَدّْ
إذا كانَ الشيخُ الذي يُقْرَأُ عليه عَرْضَاً لا يحفظُ ذلك المقروءَ عليهِ، فإنْ كانَ أصلُهُ بيدِهِ، فالسَّماعُ صحيحٌ -كما تَقَدَّمَ- وإنْ كانَ القارئُ يقرأُ في أصلِهِ فهوَ صحيحٌ أيضاً، خلافاً لبعضِ أهلِ التشديدِ في الروايةِ. وإِنْ لَمْ تكنِ القراءةُ من الأَصلِ، ولكنَّ الأصلَ يُمسكُهُ أحدُ السامعينَ الثقاتِ، فاختلفوا في صحةِ السماعِ. فحكى القاضي عياضٌ: أنَّ القاضي أبا بكرٍ الباقلانيَّ تردَّدَ فيهِ. قالَ: وأكثرُ ميلِهِ إلى المنعِ. قال: وإليهِ نَحَا الجوينيُّ، يَعني: إمامَ الحرمينِ قالَ: وأجازَهُ بعضهُمْ، وصحَّحَهُ. وبهذا عملَ كافةُ الشيوخِ وأهلُ الحديثِ. وقالَ ابنُ الصلاحِ: إنَّه المختارُ. أمَّا إذا كانَ المُمْسِكُ للأصلِ، والحالةُ هذه لا يُعتَمَدُ عليه ولا يُوْثَقُ به، فذلك السماعُ مردودٌ غيرُ مُعْتَدٍّ بِهِ.