وَهْبٍ وجمهورُ أهلِ المشرقِ إلى الفرقِ بين اللفظين، فَجَوَّزُوا إطلاقَ: أخبرنا، ولم يُجَوِّزُوا إطلاقَ: حَدَّثَنَا، وعزاهُ محمدُ بنُ الحسنِ التَّمِيْمِيُّ الجوهريُّ في كتابِهِ "الإنصافِ" للنسائيِّ ولأكثرِ أصحابِ الحديثِ، وهو الشائعُ الغالبُ على أهلِ الحديثِ، كما قال ابنُ الصلاحِ وكأنَّهُ اصطلاحٌ للتمييزِ بين النوعينِ.
فقولي: (وبعدَهُ سُفيانُ) ، إشارةٌ إلى أَنّهُ ابنُ عيينةَ، لا الثَّوريُّ؛ لأَنَّ الثَّوريَّ متقدمُ الوفاةِ عَلَى مالكٍ، كَمَا سيأتي في تاريخِ الوفياتِ، وابنُ عيينةَ متأخرٌ، وقولي: (وابنُ جريج) مبتدأٌ وليسَ بمعطوفٍ.
395.... وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَا أَعَادَا ... قِرَاءَةَ الصَّحِيْحِ حَتَّى عَادَا
396.... فِي كُلِّ مَتْنٍ قَائِلاً: (أَخْبَرَكَا) ... إِذْ كَانَ قال أوَّلاً: (حَدَّثَكَا)
397.... قُلْتُ وَذَا رَأْيُ الَّذِيْنَ اشْتَرَطُوا ... إِعادَةَ اْلإِسْنَادِ وَهْوَ شَطَطُ
أي: وبعضُ مَنْ قالَ بالفرقِ بينَ اللَّفْظَيْنِ، وهو أبو حاتِمٍ محمدُ بنُ يعقوبَ الهرويُّ، فيما حكاهُ البَرْقانيُّ عنهُ؛ أَنَّهُ قرأَ على بعضِ الشيوخِ عِن الفِرَبْرِيِّ صحيحَ البخاريِّ، وكان يقولُ لهُ في كلِ حديثٍ حدَّثَكُم الفِرَبْرِيُّ، فلمَّا فَرَغَ من الكتابِ سَمِعَ الشيخَ يذكرُ أنَّهُ إنَّمَا سَمِعَ الكتابَ من الفِرَبْرِيِّ قراءةً عليه، فأَعادَ قراءةَ الكتابِ كُلِّهِ، وقالَ لهُ في جميعهِ: أخبرَكُم الفِرَبْرِيُّ، قلتُ: وكأَنَّهُ كانَ يرى أَنَّهُ لابُدَّ مِنْ ذِكْرِ السَّنَدِ في كُلِّ