فقولي: (وما حَدَّثَ مِنْ أصلٍ) ، هو في موضعِ الحالِ، أَيْ: ورُدَّ حديثُ مَنْ عُرِفَ بكثرةِ السَّهْوِ في حالِ كونِهِ ما حدَّثَ مِنْ أصلٍ صحيحٍ. أما إذا حدَّثَ من أصلٍ صحيحٍ فالسماعُ صحيحٌ، وإنْ عُرِفَ بكثرةِ السَّهوِ؛ لأنَّ الاعتمادَ حينئذٍ على الأصلِ، لا على حفظِهِ. قال الشافعيُّ في "الرسالةِ": من كثُرَ غلطُهُ من المحدِّثينَ، ولم يَكُنْ له أصلُ كتابٍ صحيحٍ، لم يُقبلْ حديثُهُ، كما يكونُ مَنْ أكثرَ الغلطَ في الشهاداتِ لم تُقْبَلْ شهادتُهُ.
وقولي: (فهو رَدُّ) ، أي: مردودٌ.
وأمَّا مَنْ أصرَّ على غَلَطِهِ بعدَ البيانِ، فوردَ عن ابنِ المباركِ، وأحمدَ بنِ حنبلٍ، والحُميديِّ، وغيرِهم، أنَّ مَنْ غَلِطَ في حديثٍ، وبُيِّنَ له غلطُهُ، فلم يرجعْ عنه وأصَرَّ على روايةِ ذلك الحديثِ، سقطَتْ رواياتُهُ، ولم يُكتَبْ عنه. قال ابنُ الصلاحِ: وفي هذا نظرٌ، وهو غيرُ مستنْكَرٍ، إذا ظهرَ أنَّ ذلك منه على جِهَةِ العِنَادِ، أو نحوِ ذلكَ. وقالَ ابنُ مهديٍّ لشُعبةَ: مَنِ الذي تَتْركُ الروايةَ عنه؟ قَالَ: إذا تمادَى في غَلَطٍ مُجتمعٍ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَّهِم نفسَهُ عندَ اجتماعِهِم عَلَى خلافِهِ، أو رجلٌ يُتَّهَمُ بالكذبِ. وَقَالَ ابنُ حبّانَ: إنْ بُيِّنَ لَهُ خطؤهُ، وعَلِمَ، فلمْ يَرْجَعْ عَنْهُ، وتمادَى في ذلكَ كانَ كَذَّاباً بعلمٍ صحيحٍ.
321.... وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ ... عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ
322.... لِعُسْرِهَا، بَلْ يُكْتَفَى بِالعَاقِلِ ... المُسْلِمِ البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ
323.... لِلفِسْقِ ظَاهِراً، وَفِي الضَّبْطِ بأنْ ... يُثْبِتَ مَا رَوَى بِخَطِّ مُؤْتَمَنْ
324.... وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا ... لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا
325.... لِنَحْوِ ذَاكَ (البَيْهَقِيُّ) ، فَلَقَدْ ... آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ