ذلك كالوضعِ، وقد يُفعلُ اختباراً لحفظِ المحدِّثِ، وهذا يفعلُهُ أهلُ الحديثِ كثيراً، وفي جوازِهِ نظرٌ إلا أنّهُ إذا فعلَهُ أهلُ الحديثِ لا يستقرُّ حديثاً، وإنّما يقصدُ اختبارُ حفظِ المحدّثِ بذلك، أو اختبارِهِ، هل يقبل التَّلْقين، أم لا؟ وممَّنْ فعل ذلك شعبةُ وحمّادُ بنُ سلمةَ. وقد أنكرَ حَرَمِيُّ على شعبةَ لمّا حدَّثَهُ بهزٌ أنَّ شعبةَ قلبَ أحاديثَ على أبانَ بنِ أبي عيّاشٍ. فقال حَرَميٌّ: يا بئسَ ما صنعَ، وهذا يحِلُّ!. فمما فعلَهُ أهلُ الحديثِ للاختبارِ، قِصّتُهم مع البخاريِّ ببغدادَ. أخبرني محمدُ بنُ محمدِ بنِ إبراهيمَ المَيدُوميُّ، قال: أخبرنا أبو الفرجِ عبدُ اللطيفِ بنُ عبدِ المنعمِ بنُ عليٍّ الحرّانيُّ، قال: أخبرنا أبو الفرجِ عبدُ الرحمنِ بنُ عليِّ بنِ محمدِ بنُ الجوزيِّ الحافظُ قراءةً عليه وأنا أسمعُ ببغدادَ (ح) وأخبرني محمدُ بنُ إبراهيمَ بنُ محمدٍ البنانيُّ بقراءتي، واللفظُ لَهُ، قال: أخبرنا يوسفُ بنُ يعقوبَ الشيبانيُّ كتابةً، قال: أخبرنا أبو اليُمن الكنديُّ قالا: أخبرنا أبو منصورٍ القزّازُ، قال: أخبرنا الخطيبُ، قال: حدّثني محمدُ بنُ أبي الحسنِ السَّاحليُّ، قال: أخبرنا أحمدُ بنُ الحسنِ الرازيُّ، قال سمعتُ أبا أحمدَ بنَ عَدِيٍّ يقولُ: سمعتُ عِدَّةَ مشايخَ يحكُونَ: أنَّ محمدَ بنَ إسماعيلَ البخاريَّ قَدِمَ بغدادَ، فسمعَ به أصحابُ الحديثِ، فاجتمعوا وعَمَدوا إلى مائةِ حديثٍ فقلَبُوا متونَها، وأسانيدَها، وجعلوا مَتْنَ هذا الإسنادِ، لإسنادٍ آخرَ، وإسنادَ هذا المتنِ لمتنٍ آخرَ. ودفعوا إلى عَشَرةِ أنفُسٍ، إلى كُلِّ رجلٍ عَشَرةَ أحاديثَ، وأمرُوهم إذا حَضُروا المجلسَ يُلقُون ذلك على البخاريِّ، وأخذوا الموعدَ للمجلسِ، فحضرَ المجلسَ جماعةُ أصحابِ الحديثِ من الغرباءِ من أهل خُراسانَ، وغيرِهم، ومن البغداديينَ.

فلما اطّمأنَّ المجلسُ بأهلِهِ انتدبَ إليه رجلٌ من العَشَرةِ، فسأله عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015