وقدْ بَيَّنَ سماعَهُ عن ثقةٍ مثل ثقتِهِ، ثم مَثَّلَ ذلك بمراسيلِ كبار الصحابةِ، فإنَّهُم لا يرسلونَ إلاّ عن صحابيٍّ. وقد سبقَ ابنَ عبدِ البرِّ إلى ذلك الحافظانِ: أبو بكر البزّارُ، وأبو الفتحِ الأزديُّ.

فقالَ البزّارُ في الجزءِ المذكورِ: إنَّ مَنْ كان يدلِّسُ عن الثقاتِ كانَ تدليسُهُ عند أهلِ العلمِ مقبولاً. ثم قال: فمَنْ كانت هذهِ صفتُهُ وَجبَ أنْ يكونَ حديثُهُ مقبولاً وإنْ كان مدلساً. وهكذا رأيتُهُ في كلامِ أبي بكرٍ الصَيْرفيِّ من الشافعية في كتابِ "الدلائلِ" فقالَ: كلُّ مَنْ ظهرَ تدليسُهُ عن غيرِ الثقاتِ لَمْ يُقبلْ خبرُهُ حَتَّى يقولَ: حدّثني، أو سمعتُ. انتهى. وقولُهُ: (واختلفَ في أهْلِه) أي: في أهلِ هَذَا القسمِ مِنَ التدليسِ، وهم المعروفونَ بهِ. فقيلَ: يُرَدُّ حديثُهم مطلقاً، سواءٌ بينوا السماعَ، أو لَمْ يبينوا، وأنَّ التدليسَ نفسَهُ جرحٌ، حكاهُ ابنُ الصلاحِ عن فريقٍ من أهلِ الحديثِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015