والسلف كانوا يعتنون جداً بالعلو، وكانوا يرحلون رحلات شاقة كما يقولون من أجل العلو، فـ جابر رحل من أجل حديث من المدينة إلى الشام، طلباً للعلو، وأبو أيوب الأنصاري رحل وتكبد المشاق من أجل العلو، ولما كان يحيى بن معين في مرض موته قالوا له: ما تتمنى؟ ولو شاء لقال: الفردوس الأعلى، ولكنه قال: إسناد عال وبيت خال.
يتمنى الرحلة وهو يموت حتى يأخذ الإسناد العالي.
ولذلك قال أحمد: من السنة الإسناد العالي؛ لأن الإسناد العالي يريح ويطمئن الباحث، كلما قل عدد الرجال فكلما قل الخطأ والوهم، فاحتمال الوهم عندما يكون بين النبي والراوي تسعة رواة هي تسعة احتمالات، لكن عندما يكون بين الراوي وبين النبي ثلاثة فاحتمال الوهم والخطأ ثلاثة احتمالات، فالعلو يقلل احتمال الخطأ فيه، فلذلك كان المدلسون يتشبعون بالعلو؛ لأن العلو له منقبة وله مكانة.