من الأمثلة التي ذكرها ابن الصلاح في الأحاديث المقلوبة: حديث في البخاري عن إسحاق بن عيسى الطباع قال: حدثنا أبو النضر جرير بن حازم حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني).
قال الطباع: فسألت حماد بن زيد عن هذا الحديث فقال: وهم أبو النضر، قد كنا في مجلس نحن وثابت وحجاج بن أبي عثمان فحدثنا حجاج عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث، قال حماد بن زيد: فظن أبو النضر أنه فيما حدثنا ثابت البناني.
فهذا قلب الإسناد، لكن المتن صحيح.
فالآن الوهم الذي وقع فيه أبو النضر ننظر فيه، فنقول: هذا الإسناد متكلم فيه؛ لأن فيه وهم من أبي النضر، وهو ثقة ثبت، فلم يضره هذا الوهم؛ لأنه ما من إمام إلا وله أوهام.
فـ شعبة كان يخطئ في الرجال، والثوري كانت له أوهام، وابن عيينة كانت له أوهام، ومالك له أخطاء؛ ولذلك قال العلماء: بحثنا أحاديث مالك وابن عيينة فوجدنا أخطاء مالك أقل من أخطاء ابن عيينة.
إذاً: الأخطاء تقع من الثقة، والوهم يقع من الثقة، ولا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك توجد قاعدة، وهي: إذا اختلف مالك مع ابن عيينة قدم مالك؛ لأن أخطاءه أقل من أخطاء ابن عيينة.
ولو اختلف الثوري مع شعبة قدم الثوري؛ لأن الثوري أخطاؤه أقل من أخطاء شعبة.
وهنا أبو النضر وهم وقلب الإسناد، ومع ذلك فإننا لا نضعفه؛ لأن وهم أبي النضر كان قليلاً بالنسبة لرواياته.