قال الناظم: وما يخالف ثقة فيه الملا فالشاذ والمقلوب قسمان تلا إبدال راو ما براوٍ قسم وقلب إسناد لمتن قسم شرع الناظم في بيان الحديث المقلوب، وهو ينقسم إلى قسمين: الأول: أن يكون القلب في السند.
الثاني: أن يكون القلب في المتن.
ومن أمثلة ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)، قال الراوي: (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)، فهذا نسميه قلب المتن؛ لأن الإنفاق يكون باليمين لا بالشمال، فقلب الراوي اليمين بدلاً من الشمال.
وقد يكون القلب في السند، بمعنى: أنه يقدم ويؤخر في السند، وقد حدث هذا مع شيخ المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، فقد كان طبيب الحديث في علله رحمه الله تعالى، لما نزل بغداد أراد جمع من العلماء أن يختبر ذكاءه وحفظه -كلما زادت حاسة الحفظ عند العبد فهذا معناه رضا من الله عز وجل عليه- فجلس البخاري بينهم فأرادوا أن يختبروه، فأتوا بمائة حديث وقلبوا أسانيدها، كحديث: (إنما الأعمال بالنيات) رواه عمر بن الخطاب، فجعلوا الراوي هو أبو هريرة بسند مختلف، وهكذا في كل الأحاديث.
فقام السائل الأول يقول له: حدثنا فلان عن فلان عن أبي هريرة قال: (إنما الأعمال بالنيات)، فقال البخاري: لا أعرفه، فقال الجهلاء: سقط في الاختبار، وقال العلماء: أدرك اللعبة، وقام الثاني والثالث والبخاري لا يزيد على أن يقول: لا أعرفه، حتى أتموا المائة، ولما انتهوا قال: أين السائل الأول؟ قال: أنا.
قال: حديثك الذي ذكرت كذا، وصحة السند كذا، حتى أتى على المائة تماماً بترتيبها.
يقول الحضور: ما عجبنا من تصحيحه بقدر ما عجبنا من إعادته للأحاديث المائة مرتبة كما ذكروها.
قوله الناظم: (والمقلوب قسمان تلا)، أي: أن المقلوب قسمان.
الأول: إبدال راوٍ ما براوٍ، مثل أن يقول: حدثنا مكي بن إبراهيم، فيضع مكانه أبا اليمان.
الثاني: قلب إسناد لمتن قسم وقد بين الناظم أنواع القلب في هذا البيت، وإن شاء الله تعالى سنواصل الحديث بعد ذلك.