فعليه ـ أيضاً ـ أن يُعلِّم، ويدعو، ويأمر وينهى، وينفع الآخرين؛ لأنَّ هذه وظيفة الرسل وأتباعهم.
(الرابعة: الصبر على الأذى فيه.) لأن من تصدى لدعوة الناس وأمرهم ونهيهم عمَّا تعودوه؛ لابد أن يحصل له منهم أذى بالكلام وبالفعل، فلابد له من الصبر على ذلك، وهكذا قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام:34].
فالصبر هو أساس القيام بالمهمات والأعمال الصالحة.
قال الشيخ: (والدليل) على هذه المسائل (قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3]) فهذه السورة ثلاث آيات:
الأولى قوله تعالى: " {وَالْعَصْرِ} " وهذا قسمٌ من الله، والله سبحانه وتعالى يقسم بما شاء من خلقه، والعصر هو: الدهر المكون من الليالي والأيام، والشهور والأعوام (?)، وهو عمر الإنسان، وهو ميدان العمل.
الآية الثانية: قوله تعالى: " {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ} " هذا هو المقسم عليه، و "الـ" هنا للجنس، والمعنى: أن كل إنسان في خسارة، والخُسر: ضد الربح، إلا من استثنى الله بقوله:
{إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} فمن حقق هذه الأركان الأربعة؛ فاز بالربح العظيم، ونجا من الخسران؛ فحظ الإنسان من الربح بحسب حظه من هذه الخصال الأربعة.
{إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُوا} والإيمان لا يكون إلا بعلم، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}