ببناء الأفعال للمفعول، والأسماء المذكورة رفع بالفاعلية لأفعال محذوفة، كأنه قيل: من يسبح، ومن يوحي، ومن زينه، ومن يبكيه؛ فقيل: يسبح رجال، ويوحي الله، وزينه شركاؤهم، ويبكيه ضارع.
وهذا أولى من تقدير هذه المرفوعات أخبار مبتدآت محذوفة؛ لاعتضاد التقدير الأول بما رجحه؛ أما الآية الأولى فلثبوته فيما يشبهها، وهو: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} 1 وفيما هو على طريقتها، وهو: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} 2، {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} 3 وأما البواقي فبالرواية الأخرى، وهي رواية البناء للفاعل.
نعم في غير ما ذكر يكون الحمل على الثاني أولى؛ لأن المبتدأ عين الخبر؛ فالمحذوف عين الثابت، فيكون الحذف كلا حذف، بخلاف الفعل فإنه غير الفاعل.
أو أجيب به نفي، كقوله "من الطويل":
362-
تجلدت حتى قيل لم يعر قلبه ... من الوجد شيء قلت بل أعظم الوجد