بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقال المصنف رحمه الله: [عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك) رواه البخاري] .
هذا الحديث ترتيبه في هذه المجموعة المباركة خاتمة الأربعين حديثاً، ولعل المؤلف رحمه الله جاء به في هذا الموضع لعظيم أثره، وواسع مدلوله، فمعناه أكبر عون للإنسان على حياته.
يقول عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما مبيناً تلك الصورة المؤنسة، الدالة على الشفقة والرحمة والملاطفة من سيد الخلق وأكرمهم صلوات الله وسلامه عليه.
(أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي) .
والمنكب هو أعلى الكتف، وهو -كما يقال- أعلى شيء وأقواه في جسم الإنسان، ومنه يقول بعض العلماء في التوجيه الاجتماعي في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك:15] ، أي: في جميع أجزائها، قمم جبالها، وسفوحها، وكل شيء منها؛ لتستخرجوا ما أودعه الله سبحانه وتعالى فيها من كنوز، فالمنكب هو أعلى الكتف، وهو أقوى موضع في جسم الإنسان، ويمكن أن يحمل عليه الأشياء الثقيلة.