لو أن إنساناً أكره على الطلاق، ماذا يكون الحكم؟، يروي الإمام مالك في الموطأ أن رجلاً تزوج أم ولد لـ عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، فأحضره عبد الرحمن مقيداً، وأتى بالعصا ثم قال له: طلق وإلا ضربناك، فطلق ثم ذهب إلى عبد الله بن عمر واستفتاه، فقال: ما طلقت عليك، فذهب إلى ابن الزبير وأخبره بفتوى ابن عمر، فكتب إلى عامله بالمدينة أن رد الزوجة لزوجها، وعاقب فلاناً، وهذه رواية الموطأ لا إشكال فيها.
ويذكر ابن قدامة في المغني أن رجلاً كانت زوجته تطلبه الطلاق فيمتنع، فذهب مرة معها يجني عسلاً، وكان العسل على صفحة جبل، ولا يمكن أن يصل إليه من أسفل، ولا أن ينزل إليه من أعلى، فماذا يفعل؟ تدلى إليه بحبل، وربط الحبل في صخرة، ثم نزل على الحبل إلى أن وصل إلى موضع العسل، وبينما هو يجني العسل، جاءت زوجته من أعلى، وأخذت الفأس وقالت: طلق وإلا قطعت الحبل ومت، فأخذ يعتذر إليها ويترجاها قالت: أبداً الآن أن طلقني وإلا قطعت الحبل؟ قال: أنت طالق ثلاثاً، فجاء إلى عمر رضي الله تعالى عنه وأخبره، فقال: لم تطلق عليك، وأدبها، فهنا عمر رضي الله تعالى عنه لما وجد الرجل مكرهاً على الطلاق لم يعتبرها مطلقة عليه، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا إغلاق في طلاق ولا إعتاق) ، أي: لا يغلق على الإنسان بأن يضيق عليه حتى يطلق، ولا إعتاق، ولا يغلق الرهن على صاحبه، فإذا أغلق على الإنسان مسالكه، وضيق عليه وأكره لعتق عبده، أو ليطلق زوجاته، فإن هذا لا ينفذ؛ لأنه تحت الإكراه، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) .