يبحث العلماء فيما يترتب على الخطأ، والنسيان، فيقولون فيما يتعلق بالخطأ: لو أن جماعة في صحراء وحان وقت الصلاة، وأرادوا أن يستقبلوا القبلة في صلاتهم، فاجتهدوا في ذلك، ثم تبين لهم بعد أن خرج الوقت أنهم أخطئوا في تعيين جهة القبلة، فما حكم صلاتهم التي أخطئوا فيها في استقبال القبلة؟ إذا كانوا يعلمون أن القبلة في جهة معينة، ثم خالفوا واستقبلوا جهة أخرى عمداً فإن صلاتهم باطلة؛ لأنها تفتقد شرط الصحة، أما إذا كانوا لا يعلمون، واجتهدوا بكل ما في وسعهم، واقتضى رأيهم أنها في الجهة الفلانية وصلوا إليها، ثم بعد ذلك تبين لهم أنهم لم يصيبوا القبلة، فإن أدركوا ذلك في الوقت، كأن جاء إنسان من أهل البلدة وأخبرهم بالقبلة فعليهم أن يعيدوها؛ لأن الوقت باقٍ، وأما إذا لم يعلموا بذلك إلا بعد خروج الوقت فالصلاة قد مضت، ولذا جاءت الآية الكريمة: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] ، وقد وقع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه، صلوا ثم طلعت الشمس، فتبين لهم أنهم قد صلوا لغير القبلة، وعظم عليهم ذلك، فعفا الله عنهم، وقبلت صلاتهم، هذا فيما يتعلق بالقبلة للنص الوارد فيها؛ وقد جاءت نصوص أخرى تبين أن الله سبحانه يقبل صلاة المسافر في نوافله إذا استدبر القبلة قصداً، وكان صلى الله عليه وسلم في عودته من مكة يصلي النافلة وهو مستقبل المدينة، والكعبة من ورائه، ويقول سبحانه: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:115] .
هذا إذا وقع الخطأ ولم يتبين إلا بعد خروج الصلاة، أما إذا أخطأ في شيء غير ذلك هل يمكن تداركه أم لا؟ إن كان في صلب الصلاة، فيوجد تفصيلات عديدة طويلة محلها كتب الفقه والفروع.