يقول العلماء: إن أهم آداب الذكر إخلاص النية لله وحضور القلب؛ لأن العبرة بذلك، كما في الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) ، فينظر إليها على أساس الإخلاص لله.
ويقول بعض العلماء: إذا كان جالساً في مجلسه يذكر الله فالأولى له استقبال القبلة، وبهذه المناسبة ننبه بعض الأشخاص الذين يصلون في المسجد، ويجلسون ينتظرون الصلاة في الصف الأول، فيستدبرون القبلة ويستقبلون الناس، ويتلون كتاب الله، فقد جاء في بعض الآثار أن السلف كانوا يمنعونهم، ويقولون: لا تحولوا دون الملائكة والقبلة.
لأن هناك ملائكة تصلي، فلا ينبغي أن يحول الجالس دون القبلة، فإذا استقبل القبلة كان هو وغيره سواءً، أما أن يجلس مستدبراً الكعبة مستقبلاً الناس فهذا جاء عن السلف أنهم كانوا يكرهون ذلك، فمن الآداب استقبال القبلة في الذكر.
وكذلك نقول للذي يسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قبره، ويريد الدعاء بعد أن يفرغ من السلام أن عليه أن يتحول عن ذاك المكان ويستقبل القبلة ويدعو الله سبحانه وتعالى؛ لأن الكعبة هي قبلة الذكر وقبلة الدعاء، ومن هنا يقول الإمام أبو حنيفة: إذا أردت أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تأتِ مواجهاً؛ لأنك تستدبر القبلة، وإنما تأتي من الروضة، وتجعل الحجرة الشريفة عن جانبك وأنت مستقبل القبلة؛ لأنك حينما تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت في أقرب القربات إلى الله.
ولكن وجدنا في مسند أبي حنيفة نفسه ما يوافق رأي الجمهور، وهو مطبوع مع مسند الشافعي.
ومن الآداب أن يكون على طهارة، فإن لم يكن على طهارة فلا مانع ما لم يكن جنباً، وله أن يذكر بجميع أنواع الذكر إلا القرآن إذا كان جنباً، فإذا كان جنباً فلا ولا حرف.
كما جاء في حديث علي رضي الله تعالى عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً) .
ولهذا كره العلماء كراهة تحريم للجنب وللحائض أن يقرأا القرآن، وللحائض مباحث في ذلك عند مالك خاصة، ذكرها ابن رشد في بداية المجتهد، وهو أن المرأة إن كان لها ورد من حفظها فإن تركت القرآن مدة حيضتها ضاع عليها حفظها تيممت وقرأت وردها فقط؛ لئلا تنسى ما حفظت.
ومن باب آداب الذكر توخي الأوقات الفاضلة، كما بين الأذان والإقامة، وكذلك الدعاء وأنت ساجد، وغير ذلك من الآداب التي تذكر في كتب الأذكار الواردة يومياً.
والله تعالى أعلم.