يذكر وكيع -صاحب أخبار القضاة- من فراسة القضاة ما يحار فيه العقل، ومما ذكر عن بعض القضاة أنه جاءه اثنان، فقال أحدهما: كنا في سفر، ونزلنا المنزل الفلاني، وأودعته مالاً، فلما جئنا أنكر المال، فراجعته فيما أودعته إياه ليحمله معه فإذا به ينكر، فسأله القاضي: هل لك بينة؟ قال: ليس عندي بينة، فقال له القاضي: لعلك نسيته في المكان الذي أودعته إياه، وذهب ولم يأخذه! قال: لا أنا متأكد أنه أخذه، وذهبنا والمال معه، فقال القاضي للمدعى عليه: اجلس، وقال للمدعي: اذهب إلى ذاك المكان، وفتش تحت الشجرة التي نمت عندها، وانظر لعلك تجد المال هناك، فذهب بناءً على أمر القاضي، واشتغل القاضي بقضايا الناس عنده، وبعد فترة فاجأ المدعى عليه وقال: صاحبك تأخر، ألم يكن قد وصل حتى الآن؟ فقال: لا، المحل بعيد، فقال: إذاً: أنت تعرف المكان! وحصل بينكما ما حصل، فسلمه للشرطة، وحكم عليه بدفع المال.
ويقولون: الإنسان إذا شاور اكتسب عقلاً إلى عقله، وإذا قرأ اكتسب عقلاً إلى عقله.