أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير إلى خيبر، وبعد سنة أو سنتين حاصر النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، وجاء حُيي بن أخطب وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل إليه ليكلمه، وفاوضه على الصلح بأن يخرجوا، وليس معهم إلا الثياب التي يلبسونها، ويتركون السلاح والمال والحيوان وكل شيء بشرط ألا يخونوا المسلمين، وإذا خانوا برئت منهم ذمة الله ورسوله، فوافقوا على هذا الشرط، فلما خرجوا سأل رسول الله حُيي بن أخطب عن الذهب، وكان قد خرج من المدينة عند الإجلاء بجلد ثور مليء بالذهب والحلي، فقال: الذهب فني، وأكلته الحروب، فقال صلى الله عليه وسلم: (العهد قريب، والمال كثير) ، يعني: المال كثير، وهذا الوقت القصير لا يأكل هذا المال الكثير، فمعنى هذا أنهم أخفوا المال، فأنكر فدفعه إلى الزبير فمسه بعذاب، وقيل: جاءت امرأة إلى الزبير وقالت: كنت أرى حُيياً يحوم حول تلك الخربة، فذهبوا إلى تلك الخربة، وفتشوا فيها، فوجدوا الذهب مدفوناً هناك، ويقولون في نظام التحقيق والمباحث: المجرم يحوم حول مكان الجريمة، فيراقبون مكانها، ولابد أن يدفعه أمر بدون شعور إلى أن يذهب إلى محل الجريمة ليرى فيها، فجيء به وضربت عنقه.
يهمنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (العهد قريب، والمال كثير) فهذه قرينة على أن المال لم يصرف، بل هو باق، وهم قد جحدوا المال، ثم تبين أنه موجود.