قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد:19] ، وفي سورة آل عمران قال تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:16] ، ولم يقل هنا: ورسوله، بل ورسله؛ لأن مؤمني هذه الأمة يؤمنون بجميع الرسل؛ ولأن من كفر برسول واحد فكأنما كفر بجميع الرسل، وقد شهد الله لهذه الأمة بالإيمان بالرسل جميعاً فقال: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة:285] ؛ لأن الذي أرسل أولهم هو الذي أرسل آخرهم، والناموس واحد.
{أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ} [الحديد:19] ، يقولون: (الصِّدِّيقون) أعلى درجة بعد النبوة.
ثم قال تعالى: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد:19] ، أي: الذين آمنوا والذين تصدقوا، وبعض القراء يجعل {وَالشُّهَدَاءُ} ابتداء كلام جديد، وبعضهم يجعل (الشهداء) ثالث الثلاثة الأوصاف المتقدمة، (المصَّدِّقين) و (الصِّدِّقين) و (الشهداء) فالأصناف الثلاثة {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} .