إذا جئنا إلى الأموال بصفة عامة؛ فإن الله يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275] {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ} [البقرة:188] {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين:1-2] .
فحرم الأموال، وجاءت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم تقرر هذا في الحج: (أي يوم هذا؟! أي شهر هذا؟! أي بلد هذه؟! -أسئلة عجيبة! وأسلوب فيه تنبيه وإيقاف لم يعرفه العرب! سؤال عن المعلوم، ليستجمعوا قواهم ويسمعوا- فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، أليس هو اليوم الحرام في الشهر الحرام في البلد الحرام؟! قالوا: بلى -يعني: تحريم ثلاث مرات- ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) ، فحرُمت تلك المقومات الثلاث: الأموال، والأعراض، والدماء.
وهي مقومات كل مجتمع، وكما يقول الأصوليون: الجواهر الست هي: الأديان.
والعقول.
والأبدان.
والأموال.
والأنساب.
والأعراض.
وهذه إذا لم تحفظ في أي مجتمع فلا قوام له، وإذا اضطرب الأمن لا يأمن الإنسان على نفسه أو ماله أو عرضه، فلا استقرار ولا حياة.
إذاً: (وحرم أشياء فلا تنتهكوها) : يجب أن نحافظ على ما حرم الله، وكما قال الشافعي: لو أن الأمة أخذت بسورة {وَالْعَصْرِ} [العصر:1] لكفتها، ونقول: لو أن الأمة أخذت بهذا الحديث لكفاها.
لكن هل بيَّن تفصيل المحرمات ما هي؟ لا، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم.
فلو أن الأمة جماعات وأفراد وقفوا عند ما حرم الله، ولم ينتهكوا حرمات الله؛ لكانت السعادة.
وقد ذكر صلى الله عليه وسلم بأن المدينة حرام ما بين لابتيها، وما بين عَير إلى ثور يحرم فيها الصيد؛ ويكاد يتفق العلماء بأن الصيد في المدينة فيه تعزير، وليس فيه جزاء، وبعضهم يقول: يؤخذ سلب الصائد، إلى غير ذلك من أحكام أخرى.
ويهمنا أن الله حرم من الأزمنة أوقات، ومن الأمكنة أماكن، ومن المطعوم مطعومات، ومن الزواج زوجات، وكل ما يتعلق بحياة الإنسان الاجتماعية بيَّن الله سبحانه وتعالى ما يحل له وما يحرم.