ثم تذهب وتنحر الهدي وتتذكر فداء إسماعيل، وتتذكر بر الوالدين، وتذكر قول إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات:102] ، لو جاء أبوك الآن وقال: أريد أن أذبحك، أريد أن أقطع إصبعك، ماذا ستقول؟ ستقول: يا أبي! ماذا بك؟! ما الذي صار في عقلك؟! بل لو قال: أريد نصف مالك لامتنعت.
وهذا إبراهيم يقول لولده: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الصافات:102] ولاحظ قوله: (إن شاء الله) ، فهي أكبر عون للعبد {مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102] ، ويتم الأمر: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات:103-105] هنا انتهت المهمة.
ومن هذا تأخذ درسك: إن كنت ولداً فإلى أي حد تبر أبويك؟! وإن كنت والداً فإلى أي مدى تطيع الله فيما أمرك؟! وكذلك الأم.
جاء الشيطان إلى إسماعيل وقال له: أين تذهب مع أبيك؟ قال: لينفذ أمر الله.
قال: مره فلينتظر حتى يأتي الوحي عياناً؛ فيأخذ الحصاة ويرميه.
فيذهب للشيخ: أين تذهب بولدك؟ قال: لأنفذ أمر الله.
قال: انتظر حتى يأتيك الوحي عياناً؛ فيأخذ الحصاة ويرميه.
فيذهب للأم هناك: تركتِ ولدك مع هذا الشيخ! أتدرين ماذا يفعل به؟ فتقول: إلى أمر الله، إنه أبوه.
قال: سيذهب الآن ليذبحه.
قالت: إنه أمر الله، وتأخذ الحصاة وترميه.
ويقولون: هذا سبب رمي الجمرات الثلاث، والله تعالى أعلم.
قال إبراهيم: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا} [البقرة:128] ، والله أراه المناسك، ولا زالت من زمن إبراهيم حتى اليوم مناسك المسلمين.
وهكذا يجب عليك أن تكون محافِظاً على حجك دونما ضياع ولا إهمال، حتى تقضي حجك.
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضل الحج من مجيئك وخطو راحلتك، وطوافك وسعيك ووقوفك بعرفة إلى طوافك بالبيت وفيه: (تطوف بالبيت ويأتي ملك يربد بكفه بين كتفيك ويقول: استقبل عملاً جديداً، فصحيفتك بيضاء نقية) .
وهكذا نكون قد حافظنا على الحج بما أوجب الله سبحانه وتعالى.
والله أسأل أن يوفقنا وإياكم جميعاً لما يحبه ويرضاه.