باب الصلاة -يا إخواني- كبير، ولذا يقولون: من الحفاظ على الصلاة: المحافظة على النوافل الراتبة، حتى قال بعض العلماء: من تعمد ترك النوافل تسقط شهادته.
وإذا كان كذلك؛ فما القول في الرجل الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص) ، ويقسم صلى الله عليه وسلم على فلاحه إن صدق، قالوا: ذلك رجل أخذ نفسه بحد السيف، وبالعزم القاطع، فهو لا له ولا عليه، وحافظ على فروضه؛ ولذا جاء في الحديث: (أفضل ما تقرب إلي عبدي بما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل -فنوافل العبادات هي مرتقى الصالحين في وصولهم إلى الغاية القصوى- حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يسعى بها) .
فهذا بالنوافل، أما الفرائض فهي الحد الأدنى؛ لأنك إذا التزمت بالفرائض فقط فوقع تقصير فسيقع في الفرائض؛ لكن إذا التزمت النوافل مع الفرائض فوقع تقصير فسيقع في النوافل، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن لكل ملك حمى، كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه) ؛ لكن إذا جعل بينه وبين الحمى قدر ميل، فعندما تشذ منه غنمة هل تنزل في الحمى أم في المسافة التي بينها وبين الحمى؟ في المنطقة المحايدة -كما يقولون-، لكن إذا اقترب بغنمه على حدود الحمى فلو أن شاة شذت عنه متراً واحداً فستدخل في الحمى، أرأيت لو كان هذا الحمى ناراً مؤججة هل ستدنو منه؟ أرأيت لو كان بحيرة أو بئراً عميقاً هل ستدنو منه؟ ستبتعد مخافة أن تسقط فيه.
وهكذا النوافل هي حمى وحفاظ لتلك الفرائض كما جاء في الحديث: (انظروا هل لعبدي من نوافل؟ -أي: حينما يُنظر في صلاته- فتقول الملائكة: نعم -يا رب- له نوافل، فيقول: اجبروا فريضته من نافلته) ، يعني: احتياطاً، يقول ابن عباس: وهكذا بقية العبادات.