وتأتي قضية الغيبة والنميمة، والآثار الكبيرة فيها، يقول تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحجرات:12] .
يشبه القرآن الكريم المغتاب بشخص ذهب إلى المقبرة ونبش القبر وأخرج الميت وانهال عليه يأكل من لحمه، وهذه صورة فظيعة، ويا لفظاعتها! وصورة قريبة من تلك الصورة حكاها النبي صلى الله عليه وسلم عندما (كان يمشي مع جماعة من الصحابة، فتكلم شخص بكلمة عن شخص غائب، ثم مر صلى الله عليه وسلم بجيفة حمار شائل، فقال: أين المتكلم بكلمة كذا؟ قالوا: هذا هو، قال: انزل فكل من هذه الجيفة، قال: يغفر الله لي ولك، ومن يأكل من هذه؟ قال: للكلمة التي قلتها أشد جيفة من هذه) .
انظر التشبيه العملي، نلاحظ أنه لما سمع عليه الصلاة والسلام كلام ذلك الرجل سكت عنه، لكن لما رأى تلك الجيفة تكلم تصديقاً لكتاب الله {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات:12] فجعله كمن يأكل من لحم أخيه ميتاً؛ لأن الأخوة تقتضي الحفاظ عليه، والأخوة تمنع من أن تعضه بالفم وهو حي، أو أن تناله بأبسط مكروه، فكيف بأكله ميتاً؟ بل لو كان حياً وبينك وبينه عداوة وقد مات، فلن يبقى للعداوة أثر بعد الموت.
وأما النميمة -عياذاً بالله- فتوقع بين القوم فتناً، والفتنة أكبر من القتل، فقد تقع بين القبائل حروب تأتي على الأخضر واليابس بسببها، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم) .