ومن هنا نجد بعض الناس إذا جاء رمضان قال: يا الله أعنا عليه، وإذا ذهب رمضان قال: الحمد لله الذي جعله يذهب بالسلامة، ونحن والله نقولها، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا أقبل رمضان قال: اللهم أعنا على رمضان، ونقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، إياك نعبد وإياك نستعين، اللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا، فإذا انتهى رمضان قلنا: ربي لك الحمد والشكر، ثم نعيد ونفرح؛ لأننا أدينا ما افترض علينا، فهذه فرحة كبيرة.
ولكن يأتي الحديث ويعطي طعماً وهدية، ويدعو الناس للمواصلة، (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) ، لكأن الحديث يقول إذا انتهى رمضان فلا تقفل باب الخير، ودعه مفتوحاً، فصم ستاً من شوال، وإذا صمت ستاً من شوال بعد رمضان فكأنك صمت الدهر كله، وبعد شوال في غيره من الشهور استُحب لك صيام الإثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا جاءت العشر الأيام الأول من ذي الحجة ندب لك صيام التسعة الأول منها، ثم يأتي شهر الله المحرم الذي يكون فيه الصوم حبيباً إلى الله، وفيه يوم عاشوراء، وهكذا فيستمر باب الخير مفتوحاً ولا يغلق حتى الممات.
ولذا جاء في الحديث: (إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون) ، هذا باب من أبواب الخير وهو (الصوم جنة) ، وبقدر صومك، وبقدر حفظك لصومك تعظم تلك الجنة.
أظن أنك لو ذهبت للسوق، ورأيت الملابس الجاهزة أو الأقمشة الصوفية والقطنية، فلن تشتري إلا بقدر ما عندك من مال، فشخص يلبس جبة خفيفة على قدر ماله، وآخر من أحسن ما يكون من الأقمشة، ومن أحسن ما يكون من الخياطة والتفصيل، وكذلك بقدر الحفاظ على صومك بقدر نفاسة وغلاء جبتك، وبقدر ما هي غالية ونفيسة وقوية، بقدر ما تقيك الحر والبرد.
إذاً: هذا الباب واسع، لذا نجد أن هناك من كان يصوم الدهر، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر كله، ويتعين عند الجمهور تحريم صوم يومي العيدين وصوم يوم الشك، وأيام التشريق في منى فيها الخلاف فيمن لم يجد هدياً ويتعين عليه صوم ثلاثة أيام في الحج.