وكلمة حسن الخلق لا يستطيع الإنسان أن يوفيها حقها، ويقول علماء الأخلاق: كل فضيلة تجدها وسطاً بين طرفي الإفراط والتفريط، فمكارم الأخلاق هي الفضيلة الوسطى، وهي الصراط المستقيم بين طرفين مذمومين، فمثلاً: كرم المال تجده وسطاً بين التقتير والتبذير، فالشخص الذي ينفق ماله بغير وجه حق يقال: هذا سفيه مضيع ماله، والذي يمسك ماله عن كل وجه حق يقال: هذا بخيل مقتر حتى على نفسه، ولكن الشخص الوسط في نفقاته، هو شخص كريمٌ في محله.
والشجاعة وسط بين رذيلتين: بين الجبن والإحجام وبين التهور وعدم التبصر في العواقب، لكن من أقدم حينما يكون للإقدام محل، ويفر ويرجع حينما يكون للفرار محل، فهو الشجاع.
وكذلك الحلم له موضع، وللسيف موضع، وللتأنيب موضع، فكل مكارم الأخلاق وفضائلها وسط بين طرفين مذمومين، إما إفراط أو تفريط.
وهذا الحديث في بلاغته مع إيجازه من كبريات الإعجاز في التعبير النبوي، فإنه يجمع التشريع كله في كلمتين متقابلتين: برٌ وإثمٌ.