الأمر بالمعروف صدقة على الطرفين: الآمر له صدقة على نفسه بالأجر، والمأمور صدقة عليه بأنك هيأته وأرشدته إلى المعروف، إنسان مقصر في عمل، فجئت وأمرته به، وعمل هذا العمل، واكتسب أجراً؛ فأنت تصدقت عليه بهذا الأجر الذي تسببت له فيه، وكذلك النهي عن المنكر صدقة عليك لأجرك في ذلك، وصدقة على المنهي بأن تكفه عن هذا المنكر الذي هو عليه، (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: مظلوم ننصره، فكيف الظالم؟! قال: تكفه عن الظلم فهو نصرة له) .
وإذا جئنا إلى هذه الفقرة وحدها، فقد بيّن صلى الله عليه وسلم أن هذا الواجب على الأمة جميعاً أفراداً وجماعات، حاكمين ومحكومين، كلٌ في مجاله، يقول صلى الله عليه وسلم محملاً الأمة مسئولية، صيانتها منها وفيها، لكي يتحمل المجتمع مسئولية صيانته، والحفاظ على كيانه، فقال: (من رأى منكم) (من) من صيغ العموم، (منكم) خطاب للجميع، يشمل الرجال والنساء، والصغار والكبار، وكل من يدخل تحت خطاب: (من) (ومنكم) .
(من رأى منكم منكراً) ، والمنكر المقياس فيه مقياس الشرع في الحسن والقبح، والمعروف والمنكر يعرفان بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل ما وافق الكتاب والسنة فهو معروف، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو منكر، وليس الأمر للهوى والتشهي.