أما الأسلوب: فهو من أوله مستهل بقوله: (يا عبادي!) إذا أصغينا إلى هذه النداء وتمعنا مدلوله ظهر لنا الآتي: (يا) : حرف نداء، وينادى أيضاً بالهمزة: أزيد! وبالهاء: هزيد! و (يا) إنما تكون للبعيد، والهمزة تكون للقريب، والهاء للوسط، والبعيد إنما تناديه بـ: (يا) حتى يمتد الصوت ويبلغ من كان بعيداً عنك.
ويكون البعد: إما بعد مكان، وإما بعد منزلة؛ فإذا كان شخص رفيع المنزلة، فلا تقول له: أأميرنا، أملكنا، بل: يا ملكنا، يا أميرنا، وتمد الصوت تكريماً له لرفعة منزلته، فإذا كان بجوارك وقلت: يا أخي، جعلت بعد المنزلة ورفعتها كالبعد المكاني، واستعملت (يا) في النداء لعلو منزلته عندك.
ومن علو المنزلة: العطف والرحمة وحب الخير، ونجد هذا الأسلوب يتكرر في كتاب الله؛ فإبراهيم عليه السلام مع أبيه: (يا أبتِ) ، وكل ذلك في مقام العطف على أبيه والشفقة عليه، وكذلك نوح حينما كان ينادي ولده، ولقمان حينما كان يعظ ابنه في كل ذلك يكرر: (يا بني) ، لا كما يقول بعض الناس تلذذاً بلفظ البنوة أو الأبوة أو العبودية، بل لإظهار العطف والرحمة والشفقة.
(يا عبادي!) يتكرر هذا النداء في هذا الحديث عشر مرات، وكل جملة تدل على الرفق والعطف والرحمة من المولى سبحانه وتعالى.
فالأولى فيها (يا عبادي) وهو تنبيه؛ كأنه يقول: استمعوا، وأصغوا لما أقول، توجهوا إليّ وادنوا مني فأنتم عبادي.
وهو المولى سبحانه، برحمته وبشفقته وبلطفه يعلمنا ويحذرنا من الظلم.