قال: (قل: آمنت بالله) ، الإيمان لغة هو: التصديق، أي: أن يصدق القلب بمقتضى الخبر، ولكن الإيمان في اصطلاح الشرع: تصديق القلب، ونطق اللسان، وعمل الجوارح، فقوله: (قل: آمنت بالله) ، الإيمان بالله هو: التصديق بالله، وبوجوده، وبما يستحقه في ذاته، وبما جاء عن الله، ومن الإيمان بالله الإيمان برسول الله؛ لأنه جاء برسالة من عند الله، ومن الإيمان بالله الإيمان بيوم القيامة؛ لأن الله أخبر به، والإيمان بيوم القيامة إيمان بالجنة والنار، والإيمان بالجنة والنار إيمان بالجزاء والحساب، فمن الإيمان الإيمان بالمجازاة على الإحسان إحساناً، وعلى الإساءة عقوبة، فالإيمان بالله يقتضي الإيمان بكل ما جاءنا به رسول الله من عند الله.
فهذه الجملة الأولى تتضمن كل ما يتعلق بالعقائد، وتتضمن الالتزام بأركان الإسلام، وتتضمن الالتزام بالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج؛ لأن الله هو الذي فرضها، فإذا آمنت بالله قمت بكل ما أمرك به الله، وهذه أركان الإسلام، وإذا آمنت بالله آمنت بكل ما أخبر به الله، وأركان الإيمان: الإيمان بالله، ورسله، وملائكته، وكتبه، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، إذا آمنت بالله كنت حقاً مسلماً أمرك لله، وهنا قدم صلى الله عليه وسلم أولاً الإيمان بالله، ثم أتى بحرف العطف (ثم) الذي يفيد الترتيب والتعقيب، ما قال: قل: آمنت بالله واستقم، وما قال: قل: آمنت بالله فاستقم، بل جاء بثم، والبعض يقول: إن ثم للترتيب والتراخي، وهنا ليس المراد التراخي، وتظهر قوة أسلوب هذا الحديث في قوله: (قل: آمنت بالله) ، فإذا استغرقت كل جوانب الإيمان بالله فاستقم، فكأن عملية الإيمان بالله تحتاج إلى فترة تروٍ وتريث واستجماع وتجميع وإدراك لكل ما يقتضي الإيمان بالله.