فالواجب على العبد أن يكون ربانياً، أي: مع ربه في علمه، وفي طاعته، وفي معرفته، وفي تعريف الناس بربهم، وبهذا يكون أسعد الناس، وأغنى الناس، وأقوى الناس، يسعد في دنياه ويرتاح، ما عنده هم، ولا عنده مذلة لأحد، ولا في عنقه منّة لأحد، فيكون دائماً مع الله سبحانه وتعالى، (وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) ، وإذا كان الله قد كتب على الإنسان شيئاً، فالمؤمن كل ما يقدره الله عليه هو خير له، كما في الحديث: (عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير: إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له) ، وهذا للمؤمن فقط؛ لأنه يعلم أن كل شيء بقضاء الله وقدره، ولذا يقولون: إن ظاهرة التخلص من مشاكل الدنيا بالانتحار -عياذاً بالله- أقل ما تكون في المسلمين، وأكثر ما تكون في غير المسلمين؛ لأن الكافر لا يؤمن بقضاء الله ولا بقدره، فإذا أصيب في تجارة، أو أصيب بعاهة، أو أصيب في ولده، أو غير ذلك، فلا يجد أمامه إلا أن يهرب من الدنيا، أما المؤمن فيعلم أن هذا قدر الله عليه، فإن صبر عليه فله الأجر.
يقول بعض العلماء: لو قيل: إن هذا الحديث نصف الإسلام، أو قال: هو الإسلام -لأنه يجمع للإنسان أطراف كل الفوائد والمعارف- لما كان في ذلك مبالغة.