وقوله: (يا غلام) ، ما سن الغلام؟ يقولون: من أول ولادته إلى قبل الاحتلام، هذا لغة واصطلاحاً، وقد يطلق الغلام على اليافع الأشد إذا بلغ الأربعين سنة، كما قالت الخنساء: غلام إذا هز القناة سقاها.
ولا يستطيع أن يسقي القناة بدماء الأعداء إلا القوي الأشد.
إذاً: غلام هنا على بابها اللغوي الأصلي، وهو: ما كان دون البلوغ؛ لأن ابن عباس ولد قبل الهجرة بعدة سنوات، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة، وكان ممن قدّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الضعفة، ويقول عن نفسه: (وكنت معهم حينئذٍ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا فضرب على أفخاذنا، وقال: يا أغيلمة بني هاشم! لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) ، فكان غلاماً أو أغيلماً حينما نزل مع الضعفة من الحجاج حين حج النبي صلى الله عليه وسلم، فكان في سنة عشر من الهجرة غلاماً مع الضعفة والنسوة، ووعى هذا الوعي وهو غلام، وأخذ عنه العلماء هذا الحديث، ورواه الترمذي وغيره بروايات مختلفة، فحديثه موضع قبول عند العامة والخاصة.
يقول رضي الله تعالى عنه: (كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم) ، وهل كان راكباً أو ماشياً؟ جاء في بعض الروايات: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم) أي: راكباً خلف النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: كان راكباً على حمار، وقيل: على بغلة أهداها إليه المقوقس، وأخذ من ذلك يستنتج العلماء جواز الإرداف على الراحلة إذا كانت تحتمل ذلك، وقد جاء في حديث معاذ قال: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم) بهذا التصريح، فقال: (أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟) إلى آخره.