الغضب هو الدافع لكل شر، والعبد إذا غضب خرج عن طوره، ولم يعد يعقل.
أذكر قبل حوالي عشرين سنة أني كنت قرأت مقالاً لبعض الأطباء، يقول: الغضب ثلاثة أقسام: غضب أخضر، وأسود، وأحمر.
الغضب الأخضر: وهو ممدوح ومطلوب، وذلك إذا كان لحرمات الله، ويكون في محله، ويكون لمصلحته، فالرسول صلى الله عليه وسلم (كان إذا رأى حرمات الله تنتهك يغضب لله) فلما جاء أسامة -حب رسول الله وابن حبه- يشفع في المخزومية التي سرقت، غضب وقال: (أتشفع في حد من حدود الله؟ والله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!) فكان يغضب ولا يقول إلا حقاً، كما قالوا لـ عبد الله بن عمرو بن العاص: إنك تكتب كل أحاديث رسول الله وهو بشر يغضب ويرضى، فذهب إلى رسول الله فقال: يا رسول الله! يقولون: كذا، وكذا، قال: (اكتب كل ما سمعت، والله! إني لا أقول إلا حقاً في غضب أو رضا) .
والغضب الأحمر هو: الغضب على الأشياء التوافه الذي يثير الإنسان لكنه في حدود التمكن.
والغضب الأسود هو: الذي يعمي البصيرة ويطمس البصر، ويذهب عن الإنسان إدراكه، ولا يدري ماذا يفعل؟ فيضر نفسه، وهذا القسم من الغضب قد يرجع على صاحبه بالأذى، فقد يصاب بنزلة معوية، فتتضرر أعصاب المعدة فيمرض، وقد يثور عليه ضرس، وقد تثور عليه عينه، وأقل آثاره أن يصاب بصداع شديد، وقد يحصل عليه شلل في المخ.