عامل الناس كما تحب أن يعاملوك

المولى سبحانه وتعالى يقول: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً} [النساء:9] ، مذا؟ {ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:9] ، أي: خافوا عليهم من الناس.

إذاً: أنت في حياتك لك ذرية ضعيفة، وأمامك وبين يديك ذرية الآخرين، فإذا أحسنت إليهم سخر الله من يحسن إلى ذريتك الضعاف، وإن أسأت إلى ذرية الآخرين الضعاف فخف على ذريتك من بعدك، فالأمر مبادلة، فأحب لذرية الأجانب الآخرين ما تجب لذريتك، وافعل لهم من الخير، وكف عنهم من الشر ما تحب أن يفعل لذريتك الضعاف من بعدك.

ويقول الله في الآية الأخرى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة:266] ، يعني: أنت في كبر السن، ولك ذرية ضعاف، ولك يستان وحديقة، ثم يأتي إعصار فيه نار فيحرق تلك الحديقة، فأين تذهب ذريتك الضعيفة؟ وهذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263] ، سبحان الله! كيف تعامل المساكين؟ {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [البقرة:263] ، باللسان، {خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ} [البقرة:263] ، بالمال مهما كانت {يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة:263] ، لماذا تؤذي الفقراء؟ هل ترضى أن تكون فقيراً ويؤذيك الأغنياء؟! لا والله! وبعدها قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة:264] ، لما تؤذي المسكين وتمن عليه؟! هل هذا من جهدك ومالك أنت؟ المال مال الله، وهو في يدك ابتلاء، ومنع منه المسكين ابتلاء، كلٌ يبتلى لينظر أيشكر الغني ويصبر الفقير أم لا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015