وربط الإيمان بين مؤمني هذه الأمة وبين الجماد.
فهذا العلاء بن الحضرمي حينما ذهب إلى البحرين، علم به مشركو المجوس، فرجعوا إلى الجزيرة وأخذوا السفن، وجاء العلاء ومن معه من المسلمين والبحر أمامهم، فماذا يفعلون؟ توجه العلاء إلى من معه من المؤمنين وقال: أيها الناس! إني عزمت على أمر، إن الله قد أراكم آية في البر، وهو قادر على أن يريكم آية في البحر.
وما هي الآية التي أراهم الله إياها في البر؟ لما كانوا في الطريق، نفذ عليهم الماء، وكادوا يموتون عطشاً، فنزلوا منزلاً ينتظرون الموت، وفي الظهيرة جاءت سحابة صغيرة من بعيد، ووقفت على مساحتهم ثم أمطرت! مدد من الله، أليس هذا من جنود ربك؟! بلى، جند من جند الله، فشربوا وسقوا دوابهم وتزودوا منه.
فقال العلاء: إن الذي أراكم تلك الآية في البر قادر على أن يريكم آية في البحر، قالوا: وماذا تريد؟ قال: عزمت أن أخوض هذا البحر، فتقدم إلى البحر، وهو جماد لا يدري، فقال: أيها البحر! إنك تجري بأمر الله، ونحن جند في سبيل الله، عزمت عليك لتجمدن حتى نعبر لنقاتل عدو الله، ثم عبر البحر بجيشه!! قرار في ثلاث كلمات (توجه إلى الله) ، والرابطة الكبرى التي تجمع بين الجميع هي الإيمان.
يقول ابن كثير في ذكر هذه القصة: (فما ترجل الفارس، ولا احتفى المتنعل، واجتازوا وقاتلوا وانتصروا) .
بأي أمر استطاع العلاء أن يعبر على الماء؟ هل بشخصيته أو بقوته وجيشه؟ لا.
بل لأنه في سبيل الله، وهذا يجري بأمر الله، والكل من خلق الله.