ذكروا عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه كان يبيع البز، وكان عنده ثوب فيه عيب، فركنه في جانب، فجاء خادمه وغلامه في غيبته وباع هذا الثوب بقيمته لو كان سليماً، فلما جاء الإمام إلى الدكان فلم يجد ذاك الثوب سأل عنه: أين هو؟ قال: بعته، قال: بكم؟ قال: بكذا.
بسعره الأصلي، قال: هل أطلعت المشتري على العيب الذي فيه؟ قال: لا، فتصدق بقيمة الثوب كله! ما الذي حمله على ذلك؟ إنه الورع، وكان يمكن أن يتصدق بقيمة العيب الذي في الثوب، ولكن حمله الورع وتقوى الله على أن يتصدق بكامل قيمة الثوب.
وذكرنا قصة الذي أمر غلامه أن يبيع السلعة بسعر يومه، فانتظر ولم يبع حتى ارتفع السعر، فكان يكفيه أن يأمره أن يتصدق بفارق السعر، ولكنه أمره أن يتصدق بالثمن كله، وقال فيما كتبه إليه: لعلنا ننجو بذلك! هذا الحديث وإن كان موجزاً في عبارته (دع ما يريبك إلا مالا يريبك) إلا أنه يأتي على كل تصرفات الإنسان، والناس في هذا الحديث طبقات ودرجات، والله أسأل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.