ذكرنا قصة التاجر الذي احتكر السلعة، ثم رأى سحابة فكره في نفسه أن يأتي المطر، ويكثر الزرع، وتضيع عليه ثمرة احتكاره، لكنه تنبه، وارتاب في نفسه أنه لا يحب الخير للمسلمين من أجل منفعته الخاصة، وحمله على ذلك الرغبة في الربح، فإذا به يخرج ما احتكره، ويبيعه في الأسواق بدون ربح، فما الذي حمله على زهده هذا؟ محاسبته نفسه، ولما كان عمله يؤدي إلى ألا يحب الخير للناس، ارتاب في عمله.
فمن الناس من تكون عنده شفافية في معرفة الحلال والحرام، يرى الريبة في الشيء فيعافه، ويذكرون عن بعض السلف كـ ابن سيرين وغيره، أن منهم من يترك أربعين ألفاً، ومنهم من يترك خمسمائة ألف من ميراثه من أبيه؛ لأن أباه كان يعمل في عمل فيه ريبة، وأحمد بن حنبل رحمه الله أبى أن يأكل خبزاً في بيت رجل في كسبه ريبة.