يشبه قصة صاحب الكنز ما ذكره بعض العلماء أن رجلاً في صدر هذه الأمة، كان تاجراً بالمدينة، وله غلام بالبصرة، فكتب إليه الغلام: إن قصب السكر قد فسد فانظر ما عندك من السكر فاشتره، فقام: واشترى السكر من تاجر كبير، وبعد أن فسد قصب السكر نقص الإنتاج، فارتفع السعر، فباع بربح كثير، فتأمل في نفسه ووجد أنه لم يخبر الذي اشترى منه السكر، فذهب إليه وقال: يا فلان! لقد اشتريت منك السكر، ولم أخبرك بما أخبرني غلامي، وإني لا أراني إلا قد خدعتك، فخذ ثمن السكر وخذ ربحه، فقال البائع: ها أنت الآن أعلمتني، وقد أبحتك ما ربحت، فما زال يلح عليه به حتى قبل منه الربح.
فننصح التجار الذين يستغلون الفرص فإذا عرف واحد منهم موجبات رفع السلعة، قام وجمع ما في السوق، ولا يخبر أصحاب السلع بما دفعه إلى ذلك، فلا ينبغي هذا، ومن يفعل ذلك فهو مخادع لم ينصح، ومن واجب النصح لعامة المسلمين أن يخبر التاجر بأن السلعة سيرد عليها كذا، ليكون على علم فإن شاء تعجل بالبيع، وإن شاء انتظر حتى ارتفاع السعر لينتفع هو أيضاً.
وبهذه المناسبة ننبه أن كل ذي سلعة يعلم من أمرها ما يمكن أن يسبب في ارتفاع الأسعار، ثم جمع ما يوجد بأيدي الناس دون أن يخبرهم؛ فهو غاش مخادع وليس بناصح، مثلاً: علم تاجر بأن مصنعاً من مصانع سلعة تعطل أو توقف لمشكلة، وسيقل الإنتاج، ويقل العرض، ويكثر الطلب، فترتفع السلعة، فيذهب ويجمع نوعها من الأسواق دون أن يعلمهم بما وصل إليه الخبر؛ فهو غاش لهم ومخادع وليس بناصح.