هذا الحديث في بدايته، وفي آخره، والتئام وتناسق، وبين أوله وآخره ومناسبة، وهذا موضع البحث، فقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب) يرتب عليه (لا يقبل إلا طيباً) ، وهذا تجانس، فالطيب لا يتناسب معه إلا الطيب {الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور:26] ، ويتناول العلماء هذا اللفظ من هذا الحديث (إن الله طيب) ففي أي شيء هو طيب؟ طيب: في كل شيء: طيب في ذاته، طيب في أسمائه، طيب في صفاته، طيب في أفعاله.
فهو طيب في ذاته، أي: منزه عن أي نقص أو شائبة عيب، وهو متصف بكل مجامع الحمد، وكما يقولون: كملت صفات المولى سبحانه، فهو الكامل في ذاته، فلا يعتريه سبحانه -ولا يجوز في حقه- أي نقص، ولا شبه بمخلوق، ومن طيبه سبحانه وتعالى في ذاته وفي أفعاله؛ أنه لا يكون منه إلا الطيب، ولا يليق بجلاله إلا الطيب، فهو خلق الكون، وكل خلقه طيب في نظامه، وفي وضعه، وفي تسييره، إن نظرت إلى السماء، رأيت عالماً طيباً في إحكامه، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك:3] ، وإذا نظرت إلى الأرض، وجدت عليها مكونات الحياة، في بحارها، في أنهارها، في جبالها، في نباتاتها، في تنظيم الخلق، في خلق الإنسان خلقاً سوياً، وكل ذلك من الله طيب؛ لأنه طيب.