ويهمنا في ذلك القسم الثاني من المهاجرين وهو هجرة النسوة المؤمنات حيث يقول الله تعالى فيهن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة:10] .
فالمهاجرون من الرجال بين الله صدقهم في قوله: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر:8] فلا يحتاجون إلى امتحان، والنسوة يأتين مهاجرات فنمتحنهن، ويذكر ابن كثير في كيفية الامتحان أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول لإحداهن: والله ما خرجت من ضيق عيش، ولا هرباً من زوجٍ.
فلماذا هذا الامتحان؟ لأن الرجل حينما يخرج من مكة يعلم بأن عليه واجباً، ألا وهو القتال، إذاً: ما خرج من مكة إلا وهو مستعد ملتزم بهذا الأمر الشاق العظيم، فلم يكن لامتحانه حاجة، لأن واقع أمره يصدق فعله، أما النسوة فلا قتال عليهن، فقد تهاجر وتأتي وتتزوج، وقد تهاجر وتأتي ولا تطالب بضريبة الجهاد، إذاً: هجرة النسوة كانت محتملة، ومن هنا فلابد أن تمتحن.